توجد أربعة أسباب رئيسية جعلت البريطانيين لا يقيمون وصاية مباشرة على المملكة العربية السعودية: 1- إقتصادي: معظم أراضي المملكة عبارة عن صحراء، ولا يوجد فيها أي أثر للحضارة ،أمكانية صغيرة للصناعة، مناجم متفرقة، سكان قليلون قبليون لم يقدموا أي إنجازات تذكر في ذلك الوقت، لا يمكنك فرض الضرائب عليهم لأنهم لا ينتجون شيئاً ولا تستطيع أخذ اليد العاملة منهم لأنها كانت تموت في الحروب القبلية ولا يمكنك استخدامهم في الحرب لأنهم لا يقاتلون إلأ تحت إمرة قبائلهم. شبه الجزيرة العربية بأكمله كان عبارة عن ثقب أسود في تلك المرحلة، لماذا يقوم أي أحد بنصف عقل باحتلال هذه المنطقة؟ هذا الأمر دفع معظم القوى الاستعمارية بعيداً عن المنطقة (فرنسا، ألمانيا، بلجيكا) لكن الأمر المثير للاهتمام في الإمبراطورية البريطانية حول العالم هو الميل للعنف الجنوني حول العالم. لماذا هاجموا اليمن قبل إنشاء قناة سيناء؟ لماذا هاجموا أفغانستان وهم يعلمون تماماً أن هذا سيغضب أوروبا بأكملها؟ لماذا زحف الجيش البريطاني نحو هضبة التيبت وهو يعرف أن القوات لن تنجو من قسوة الشتاء هناك؟ السبب الاقتصادي هو أقل الأسباب التي سأعرضها بالتتابع. 2- أجنبي: إزو المملكة العربية السعودية بعد نهاية الحرب العالمية الأولى كان سيشكل كارثة لواردات التجارة البريطانية. المشكلة هنا هي أن معظم الغربيون والآسيويون لا يدركون كيفية سير الأمور في تلك الأيام. كانت مدينة كالكوتا الهندية تحمل نفس أهمية مدينة لندن، كل القوة البريطانية والجهود التي قاموا بها كانت لحماية طريق تجارتهم مع الهند، وكل شيء آخر مثل السويس وسنغافورة وماليزيا وكينيا كان مجرد طريق عبور، قلاع دفاعية أو دروع بشرية لحماية جوهرة التاج، لم يكن للسعودية أي أهمية في ذلك الوقت. أيضاً في أواخر القرن الثامن عشر كان حلفاء بريطانيا الرئيسيون في الهند هم الإسلاميين الأصوليين، المسلمون الوهابيون والديوبنديون (الوهابية السلفية والأيديولوجيين البقية) وقد رعاهم البريطانيون بكل ما ملكوا من قوة حتى يجعلون منهم معارضة داخلية بوجه الهندوس والشاي والبوذيين والسيخ والسنة الوطنيون. كان نظام "فرق تسد" يطبق بشكل أضخم من ما شوهد في التاريخ بأكمله. كره الإسلاميون الوطنيون منذ بداية الإسلام، قرأت في الأمس منشوراً في فيسبوك حول الطوارق وهم قبائل إسلامية عدوهم الأكبر هو قبائل آخرين من الطوارق الذين يريدون إقامة دولة خلافة في مالي، ويتقاتلون في ما بينهم لتحقيق هذا... بكل الأحوال، غزو البريطانيين للسعودية العربية كان سيؤدي إلى التضحية بالفصيل الوحيد المؤيد لهم في الهند والذي شكل وجوده ضرورة كبرى لهم. ومن ثم أتى أتاتورك أو أبو الأتراك، أحد أهم بناة الأمم في القرن العشرين وأحد أهم العقول السياسية، لم تملك بريطانيا بعد الحرب العالمية أي أحد لديه ذكائه أو ثقافته، كل تاريخ بريطانيا في القرن العشرين هو عبارة عن عنف وقح ورداءة في القرارات، حتى وينستون تشرشل مع كل شهرته لم يكن يقارن بـ (جون دوق مدلزبره). قام أتاتورك بابتزاز وتهديد الفرنسيون حتى منحوه أنطاكية ونصف الساحل السوري، وبعد ذلك قام بقتل كل عربي أو يهودي وجده في تلك المنطقة. لم يقل أحد أي كلمة، ولم ينتقد أو يدين أحد ما حصل في أوروبا بين الـ30 والـ40 من القرن الماضي، كانت بريطانيا تحتل كركوك والموصل وكل حقول النفط المحيطة بها، لماذا تقوم باستفزاز أحد العمالقة دون مصلحة كبيرة لها؟ 3- مدني: كانت بريطانيا تحول كل اهتمامها من المستعمرات إلى الداخل البريطاني، كان سكان الجزر البريطانية دائماً أقل وأضعف من سكان المستعمرات، وبعد الويلات التي ذاقوها خلال الحرب العالمية الأولى تشكلت لديهم رغبة كبيرة في إيقاف المجهودات الحربية، كانت أوقات حزينة للبلاد التي حاربت نابليون وحلفاؤه في ثلاث قارات يوماً ما. انخفاض الأرباح التي كانت تجنيها الطرق التجارية مقارنة مع الثورة الصناعية في بريطانيا تسببت بتهميش المستعمرات الخارجية، كانت المستعمرات هي مصدر ثراء الشعب البريطاني الرئيسية، وكان النفوذ الأقوى للضباط الذين يتحكمون في المستعمرات مثل (آرثر ويليسلي)، كانت معظم سفن البحرية الملكية البريطانية تتوزع لحماية طريق تجارة (بومباي - ليفربول)، وتسبب هذا الأمر أيضاً بزيادة نفوذ مكاتب التجارة الهندية. اقرأ عن الويلات التي حلت في غزو شبه جزيرة القرم أو بلاد ما بين النهرين أو بلاد فارس وستلاحظ أن الضباط المسؤولون عن هذا كانوا من الضباط الهنود البريطانيين الذين أصبحوا يتقلدون مواضع قوة في تلك الفترة. هل تعتقد أن مجازر سنغافورة كانت ستحصل لو أن الأوامر كانت تصدر من ضباط بريطانيون؟ كان الشرق الأوسط عبارة عن منطقة نزاعات غالباً بين الحضر والبدو وكان عمر بعض هذه النزاعات 3000 أو 6000 عام حتى، ما النتيجة الجيدة التي كانت ستأتي من حرب الخنادق البريطانية؟ العقول البريطانية كانت ذكية لكنها لم تكن عقول حربية، لهذا السبب كسب مكتب تجارة الهند الشرق الأوسط وخسر لندن. 4- الاجتماعية: القوة الأكبر والضعف الأكبر لأي امبراطورية هي التعداد السكاني ونوعية السكان، إذا تركوا لوحدهم سيدمرون الإمبراطورية أما إذا تم توظيفهم بشكل صحيح سيبنون إمبراطورية أقوى. لم تكن بريطانيا في عام 1914 تملك الكثير من الذكور العاملين، بينما كانت مستعمرة الهند مع سكانها المقبلين على الحرب لا يملكون من يوجههم أو يشرف عليهم، انتشرت الأمراض والمجاعات وبدأت حروب وحشية على أساس العقيدة والعرق ونهضت ثورات وحروب ماركسية وكانت البلاد تتجه نحو الخراب. الإمبراطورية البريطانية ببساطة لم تكن تملك عدداً من البشر للتحكم بمستعمرة وإبقائها مستقرة ومنظمة، لم تتمكن بريطانيا من إدارة كينيا وحدها في الستينيات. المملكة العربية السعودية بمعدلات الولادة الضخمة فيها، وثقافة شعبها القتالية والذي يؤمن بتعدد الزوجات، كانت أسوء عدو ممكن للبريطانيين. كانت هذه الحرب ستدمر بريطانيا إذا قامت في الوقت الذي كان العالم يشهد نشوء عشرات الدول الماركسية والإشتراكية، واليابات سيطرت على نصف المحيط الهادي و (وودرو ويلسون) يبني أسطول (روزفلت) الأمريكي ويحوله إلى قوة لا يستهان بها.
سؤالك جيد جداً، حصل هذا لسببين رئيسيين: 1- كانت الامبراطورية العثمانية هي الوصية على شبه الجزيرة العربية لوجود مكة والمدينة المنورة وهما مدينتين مقدستين عند المسلمين، كانت الإمبراطورية العثمانية قوة عظمى في ذلك الوقت ولم يكن أحد سيخاطر بالدخول في حرب معها. أًصبحت شبه الجزيرة العربية مملكة منذ بضعة مئات من السنين فقط بعد أن وحدها الملك الاول عبد العزيز آل سعود. قبل هذا كانت عبارة عن قبائل متصارعة تحت وصاية الإمبراطورية العثمانية. 2- الحرب على السعودية أو على شبه الجزيرة العربية سيعتبره المسلمون حملة صليبية ضد الإسلام وهذا سيحمل تداعيات على العالم المسيحي بأكمله. حكم السكان المحليون شبه الجزيرة العربية منذ 1400 سنة، ويجب أن تبقى الأمور على هذا الحال.
تقع اليمن في جنوب شبه الجزيرة العربية حيث استعمرت بريطانيا المدن الساحلية فقط حتى تحصل على نقاط استراتيجية تطل على مضيق باب المندب، أما باقي البلاد كانت مجرد جبال تسكنها القبائل، وكانت سلطنة عمان حليف قوي لبريطانيا ولا تملك أي شيء تقدمه سوى النقطة الاستراتيجية على مضيق هرمز. عقدت باقي الدول الخليجية اتفاقات مع البريطانيين وأسماها البعض استعماراً لكنها بكل تأكيد لم تكن مثل الاستعمار في مصر، قبل تأسيس المملكة كان الساحل الغربي الذي يطل على البحر الأحمر (الحجاز) هو المنطقة ذات الكثافة السكانية الأعلى لوجود مكة والمدينة المنورة المدينتان المقدستان عند المسلمين، وكان اقتصادها يعتمد بشكل رئيسي على التجارة والصناعة ويحكمها العثمانيون، ولم تكن تملك أي مطمع أو شيء تقدمه للمستعمرين الأوروبيين، وسط المملكة يدعى (نجد) تحده الصحراء من الجنوب والشمال وكان يسكنه البدو، وهم قبائل فظة تهوى الحرب وتعيش من الزراعة والغنائم. عندما وحد الملك المؤسس البلاد تفادى التعامل مع البريطانيين والدول الكبرى حينها وتواصل مع الأمريكيين ووقع معهم عقوداً للتنقيب عن النفط، واكتشفوا النفط في أرض المملكة لكن في ذلك الحين تراجعت كل الدول الاستعمارية لأنها كانت تخوض الحرب العالمية الثانية، وفي تلك الأثناء كان الاتفاق الذي عقده الملك مع الأمريكيين ساري المفعول ومنحهم الحق باستخراج النفط، وكان معجب بهم لأنهم لم يستعمروا بلاداُ أخرى واتفاقه معهم سيجعل البريطانيين يبتعدون عن المملكة لأخذ نفطها لأن عليهم التصادم مع الأمريكيين ليفعلوا هذا.
أسئلة أخرى قد تهمك